السبت، 28 مارس 2015


فى حلمها رأت بطنها أرضا جافة.. تذبل فوقها كل النباتات التى ماتت على شرفة غرفتها من قبل.. تئن النباتات فى ألم..تبكى هى فى صمت.. ولكن دموعها تتحول لحبات ملح لامعة تزيد أرضها جفافا.. تشهق النباتات لتموت.. وتشهق هى لتستيقظ..

ثلاثون عاما وأربعة اشهر وتراودها أحلام عن انسحاب الحياة من أرضها.. اللعنة..
لا شيئ ينبض بالحياة بفضلها فى هذا الكون.. حتى الطائر المسكين الذى اهدته لنفسها فى يوم مولدها قرر بلا سبب أن يزج بجسده فى المكان الصغير المخصص للطعام ويموت فى صمت..

كادت تتعثر به.. يحبو وحده على الرصيف كقطة هائمة.. لم يتطلب الأمر الكثير من الذكاء لتدرك أن ذلك الصوت الجهورى والنقاش الحاد مع احد الزبائن حول سعر العنب يخص أمه.. حسنا ستعيده إليها بعد ان تلقنها درسا عن قيمة صغيرها الذى كادت السيارات ان تدهسه..

ما الذى يفعله هذا الصغير.. أصابها الارتباك بل والخجل فالصغير يعبث بملابسها ويغوص برأسه بحثا عن ثديها..
بدلا من التوجه للأم وجدت نفسها تختبئ بالصغير خلف جدار أو ما تبقى من جدار.. تركته يلتقم ثديها.. لم يكن الصغير يبحث عن الطعام فيما يبدو فهو لم يبك ولم يتوقف عن رضاعة ثديها الخاو كان فقط يبحث عن الأمان..

شعرت بذبذبات الحياة ترج كل خلايا جسدها.. فاضت عيونها بالدمع.. تذكرت حلمها ولكن الدموع لم تتحول إلى ملح و الصغير لم يجف بيديها.. بكت كما لم تبك من قبل..

انفرج جانب فم الرضيع عن ابتسامة ناعسة.. هى قادرة على منح الأمان.. هذا الصغير يغفو على لحن نبضها هى.. نهر ما.. لا زال يسرى بين خلايا جسدها.. لم تجف أرضها إذن بعد..

افاقت على صراخ الأم الملتاعة يأتيها من خلف الجدار.. جففت دموعها وعدلت ملابسها.. توجهت للأم وضعت الصغير النائم بين يديها فى صمت ومضت لتزيل عن نهرها أكوام الملح ومرارة الصمت..

ربما الأحمر لون الدم.. لكن الشحوب وحده يا صغيرى لون الموت.. ونحن شعوب تركض فى دأب على أعتاب الكون.. تتعلق بأهداب الشمس لتحتمى بسمرتها من شحوب أرواح تنكر الموت.. ولا تخدعنك حمرة دمانا إذا نزفت بقايانا على أرصفة الهَون.. تلك حمرة الخجل لحظة إكتشاف عبثية الركض فى مدارات الوهم..

الاثنين، 2 مارس 2015

تطوى جناحيها طواعيةً ليغلق عليها الصندوق الخشبى المزخرف برأسه.. يمضى بين البشر الهاً صغيراً يلهو بدفع قصص العباد إلى نهاياتها المثيرة..
تعرف انه عائدٌ إليها كل عزلةٍ.. الليل ضعفه و مملكتها الكبيرة.. سيحررها فتتمدد أجنحتها وتصير له كوناً خارج الكون.. معبودته هى ومخلوقته الصغيرة.. وحدها القادرة على الخروج به منه.. ستحلق به إلى حيث تشاء فهو أكثر اجهادا من أن يشاء.. وستعود به خفيفا من كل أثقاله فتوسّده صدرها ليغفو..
لن تنسى أن ترسل الفراشات الزرقاء التى اقتطعتها فى وحدتها من جناحها الأيمن.. لترفرف فى براءةٍ داخل أحلامه.. ولن يعرف كيف تلح صورتها على رأسه طوال اليوم رغم احكامه غلق الصندوق..