لم تزره اليوم ثورة الذكريات
وحده طهوى سبب غضبه
فاﻷحمر طاغ على كل النكهات
أنكر التهمة فى إنفعال
لم اترك أشباح الماضى
لتخايلنى بحمرة الطرقات
نبتلع جدالنا بين الفتات
باردا كهتاف يرتعش
بصقيع جدران الحارات
أمام التلفاز سنهرب
من كل أحاديث القنوات
وسنعجز مهما حاولنا
عن هضم آنية التفاهات
سنأوى ليلا لفراشنا
سيعض شفتيه ليدارى غضبه
وسأغلق عينى ﻷخفى التشوهات
وستبحث أنفينا عبثا فينا
عن شيئ من رحيق الثورات
الأحد، 25 يناير 2015
الثلاثاء، 6 يناير 2015
طوى ظل مئذنة الجامع الكبير
بأول شارعه
وظل عمود الإنارة
أمام منزل جدته
وانحناءات ظلال الأجراس
بمدراس طفولته
وظلال نافذته المتراقصة
على جدران غرفته
وضعهم بحرص فى قاع حقيبته
ثم قال
ثقيل ظل مدينتى
سرق شيئا من ضياء القمر
المفترش أرض شرفته
وشيئا من انعكاس شعاع الشمس
على نافذة جارته
وبعض اللؤلؤ المنثور
على سطح نيل بلدته
والآخر المخبوء
بابتسامات فتيات حارته
أغلق عليهم عيونه
ثم قال
مظلمة هى مدينتى
لملم أصداء ضحكات أسرته
ونشاز البائعين بحارته
صخب الأطفال فى الصباح
وضجيج الرفاق فى المساء حول قهوته
أخفاهم بحقيبة يده
ثم قال
صاخبة هى مدينتى
أخذ أحاديث الرجال المكررة
وشرود نظرات العجائز المتفهمة
ابتسامات الشباب الخبيثة المتهكمة
وشجار السائق ثم ارتفاع عقيرته
بالأغانى الماجنة
عبأ بالوجوه ذاكرته
ثم قال
قساة أهل مدينتى
أخفى ذاته بعناية
فى أدراج مكتبه
على رف مرآته أودع ضحكته
طوى ذكرياته بحرص
و وسدها بالدولاب ملابسه
ثم قال
غريب أنا بمدينتى
حمل مدينته وهجر ذاته
رسم على وجهه فى الوداع استهانته
قالوا هجر مدينته وذهب بذاته
رسموا على وجوههم قرار إدانته
دفنوا أوزار الرحيل بعمق حقيبته
ثم قال
راحل أنا يا مدينتى
وبالحقيبة تآكل فى صمت
كل ما للرحيل أعده
بتمنى أن تنقضى ساعات العمل ليعود لكنزه من جديد.. واﻷهم ليتيقن من أنه لم يكن حلما..
دخل الغرفة بلهفة.. كان الصوت هناك.. وكان هناك كل مساء.. أصبحت تلك الغرفة هى حياته كلها وضع بها فراشا صغيرا وصار يقضى ليله هنا قرب الجدار.. يقرأ قليلاً ويقلب فى محتويات المكتب حتى تبدأ اﻷنفاس فى الإرتفاع تدريجيا.. يترك كل شيئ وينصت.. يميّز تقطّع اﻹجهاد من تهدّج اﻹثارة.. إنتظام الطمأنينة من هدوء السعادة.. صار يميّز روح كل نفس ويرسم له حياة كاملة..
منذ أسبوع أزال جزء من ورق الحائط وبدأ ينبش بأصابعه الجدار.. يريد أن يقترب أكثر من الصوت.. الليلة يفكر أن يستمر فى النبش حتى يصل لصاحب الصوت.. أو تكون صاحبة الصوت؟!
منحته الفكرة مزيدا من الحماس.. فكلما لفته جمال إحدى زميلاته بالعمل تخيل أن تجمعه غرفة مع إمرأة لا تردد الجدران تمرد أنفاسها.. يتخيل أنفاسها منتظمة باردة قرب أذنه فيجفل ويعود إلى وحدته..
لم يتصور يوما أن جدارا يمكن ان يكون بهذا السمك هو اﻵن يكاد يكون بأكمله داخل الجدار.. ولكن الصوت أوضح ما يكون يكاد يتحول للهاث محموم.. ينبش وينبش.. يشعر بالظلام يحيط به كأن الجدار يغلق خلفه لا بهم فأصابعه اﻵن تشعر بملمس ورق الحائط.. يمزق الورق بلهفة.. يغمر عينيه ضوء القمر…يقف بأنفاس مبهورة يتأمل بسعادة بخار أنفاسه المتكثف على زجاج سطح مكتبه..
الاشتراك في:
الرسائل (Atom)