طوى ظل مئذنة الجامع الكبير
بأول شارعه
وظل عمود الإنارة
أمام منزل جدته
وانحناءات ظلال الأجراس
بمدراس طفولته
وظلال نافذته المتراقصة
على جدران غرفته
وضعهم بحرص فى قاع حقيبته
ثم قال
ثقيل ظل مدينتى
سرق شيئا من ضياء القمر
المفترش أرض شرفته
وشيئا من انعكاس شعاع الشمس
على نافذة جارته
وبعض اللؤلؤ المنثور
على سطح نيل بلدته
والآخر المخبوء
بابتسامات فتيات حارته
أغلق عليهم عيونه
ثم قال
مظلمة هى مدينتى
لملم أصداء ضحكات أسرته
ونشاز البائعين بحارته
صخب الأطفال فى الصباح
وضجيج الرفاق فى المساء حول قهوته
أخفاهم بحقيبة يده
ثم قال
صاخبة هى مدينتى
أخذ أحاديث الرجال المكررة
وشرود نظرات العجائز المتفهمة
ابتسامات الشباب الخبيثة المتهكمة
وشجار السائق ثم ارتفاع عقيرته
بالأغانى الماجنة
عبأ بالوجوه ذاكرته
ثم قال
قساة أهل مدينتى
أخفى ذاته بعناية
فى أدراج مكتبه
على رف مرآته أودع ضحكته
طوى ذكرياته بحرص
و وسدها بالدولاب ملابسه
ثم قال
غريب أنا بمدينتى
حمل مدينته وهجر ذاته
رسم على وجهه فى الوداع استهانته
قالوا هجر مدينته وذهب بذاته
رسموا على وجوههم قرار إدانته
دفنوا أوزار الرحيل بعمق حقيبته
ثم قال
راحل أنا يا مدينتى
وبالحقيبة تآكل فى صمت
كل ما للرحيل أعده
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق